الثلاثاء، 12 يناير 2016

النور الثامن ، من ذات الأنوار

قصيدة / عامر بن عامر البصري
في تغير الزمان وانحراف مزاج أهله
وظهور فساد الأرض بالجور والعدوان
وكأنه يصف ما آلت إليه حياتنا بكل دقة
فاتمنى أن تُقرأ كاملة لما فيها من نقد قد
يجعلنا نتدارك أنفسنا ، وننتبه من غفلتنا

___________________________

النور الثامن : في تغير الزمان وانحراف
مزاج أهله وظهور فساد الأرض بالجور والعدوان
_

طغى الجور والعدوان فاض فهل لكم
بني العزم في فكرٍ لتحصيل آلة
              
ليُبنى قُبيَّل الغرق منها سفينة 
فننجوا بها من هلك امواج فتنتة
                
فكن عالما بالوقت ان كنت حاضراً
أخي فهذا وقتنا وقت فترة

تغيرت الأحوال عما عهدتها
وشب فساد الأرض من بعد خمدةِ

وأمست نفوس الخلق هلكى مخيفةً
لشقوتهم من بعد أمن وترفةِ

وأُضرم نار الغل والحقد بينهم
تخالفهم بعد إتفاق وألفةِ

وعادي لبعض بعضهم حسداً على
حُطام طفيف من زخارف زينةِ

وباعوا بدنيا دينهم لغرورهم
وجهلهم فإستوجبوا كل لعنة

قضاتهم في حكمها تقبل الرُّشا
حلالاً ترى من أخذها ما استحلتِ

وعدلهم ظلما عن الحق عادل
بغير محاماةٍ وغير حميّةِ

وعالمهم من جهله غير عامل
وفاضلهم من نقصه في غباوة

وشيخهم بالرقص للنقص قائل
إذا ما حدا الحادي يطير لخفةِ

لرغبتهم في جذب جاهٍ وزخرفٍ
تمسك كل قومٍ منهم ببدعةِ

لهم صورٌ محمودةٌ غير أنها
تراءت بأخلاقٍ قباحٍ ذميمةِ

وإن ضاقت الأخلاق منهم تداركوا
بتوسيع أكمامٍ وتعظيم عمةِ

تجافوا عن القرآن واتبعوا الهوى
ومالوا إلى الدنيا بحرصٍ وشهوةِ

فمنهم رئيس بالتفلسف مُولعٌ
بديعُ إشاراتٍ فصيحُ عبارةِ

تفوق تيهاً بالمجالس معجباً
بوضع إصطلاحاتٍ له منطقيةِ

وآخر منهم في الُأصوليين ناظرٌ
يناظر عن وهمٍ بلجٍّ وجرأةِ

ومنهم بتقرير الخلاف مسفسط
يغالطُ في ألفاظه الجدليةِ

وآخر منهم قد رأى صرفَ عمره
بتصريفِ صيغاتٍ لفعلٍ وفعلةِ

أضاف إلى تصريفه النحوَ فابتدا
بلا خبرٍ في بحث جرٍّ وجرمةِ

ومنهم أخو الطاماتِ حلفُ تصوفٍ
يُنمّسُ تلبيساً بصمتٍ وخلوةِ

يقول لقد نلنا بكشف سرائر
لحالاتنا لا قال فيها بلفظة

أرذالُ خَدَّاعون زرقاً بخرقةٍ
وسجادةٍ مرقوعةٍ وبسُبحةِ

ومنهم فقيهٌ ليس يفقه ما الذي
يراد به من نُسكِ حجٍ وعمرةِ

يحاجج فيما لا شعور له به 
بكوْدَنَةٍ ممزوجةٍ ببلادةِ

وآخر منهم بالقراءات قد بُلي
معنىًّ بقول الشاطبيِّ وحمزةِ

يُلَوّي بها شدقيه عند إمالةٍ
كأن به من ميلها ريح لقوةِ

وبالرمل والتنجيم والوفق فرقة
مُمَخرقةٌ فيه بمكرٍ وخدعةِ

وكلهم أمسى فقيراً من النُّهى
وإن أصبحوا في ظاهر أهل ثروةِ

وأكثرهم قد ظلَّ عن سنن الهدى
وباع الهدى والدينَ أبخسَ بيعةِ

فإن لم أقل حقاً لهم كان باطلا
وجوزيتُ من ربي بأعظم خزيةِ

وإن أنا قلت الحق لاقيت مالَقِي
بنو فاطمٍ من جهل آل أميّةِ

إذا كان حال الخاص من جهلهم كذا
فكيف ترى جمهورهم من سخافةِ

أموتى تراهم ام نيامٌ بغفلةٍ
فيا ذا العُلى أمنن عليهم بنبهة

لذلك ماصبَّ الالهُ عليهم
عذابا مُهيناً من أليمِ عقوبة

وأسلمهم من بعد عدل وقدرةٍ
إلى القهر فانقادوا بذلٍّ وكسرةِ

وادخلهم في سجن عجزٍ مُضّيَقٍ
وأخرجهم من دار عزٍّ وفسحةِ

وذلك عدلٌ منه صرفٌ لإنه
بما كسبت أيديهمُ من جَريرةِ

وما فرَّقوا من دينهم واقتدى
كما اقتضاهُ هواهُ كلُّ حزبٍ بقدوةِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق