الجمعة، 25 ديسمبر 2015

وفيك إنطوى العالم الأكبر

عندما نقول بأن الإنسان هو محصول العالم فإعلم أن في خلق الإنسان غرائب وعجائب لا يعلم عددها وسرها إلا الله سبحانه وتعالى فيقول الحكيم هرمس عليه السلام : أن الإنسان أعجوبة وأن الإنسان مثله مثل الكون كل واحد من أجزاء مختلفات ومن أقواله أيضاً : الانسان أعجوبة تستحق التشريف والتبجيل فله صفات الملائكة كما لو كان واحد منهم لأنه علم أنه نشأ من نفس الأصل وأيضاً قال هرمس عليه السلام : للإنسان طبيعة مزدوجة فهو فاني الجسد خالد الذكاء يعلو على السماء لكنه ولد عبداً للمصير وقال أيضاً : قد يعرف الإنسان ذاته فيعرف الكون بالوعي وقد كان العلماء يطلقون إسم العالم الصغير على الإنسان والإنسان الكبير على العالم كله ومن هنا يجب علينا أن نذكر أبيات خير الأوصياء مولانا علي ابن ابي طالب صلوات الله عليه وعلى اله ، 
 حينما قال وفيك إنطوى العالم الأكبر فكيف ينطوي فينا هذا العالم الأكبر وقد قيل أنه لما كان العالم كبيرا وعمر الإنسان قصيراً جعل فيه ليقدر على تأمله فلو عدنا لما ذكره الإمام التقي الحكيم الصادق صاحب الرسائل عليه السلام سنجد جوابا شافيا ملهما يحثنا دائما على التأمل والتفكر في خلق الله وذلك أنه لما كانت الأفلاك تسع طبقات مركبة بعضها جوف بعض كذلك وجد في ترتيب جسد الانسان تسع جواهر بعضها جوف بعض ملتفات عليها مماثلة لها وهي العظام والمخ اللحم والعروق والدم والعصب والجلد والشعر والظفر فجعل المخ في جوف العظام مخزوناً لوقت الحاجة إليه ولف العصب على مفاصله كيما يمسكها فلا تنفصل وحشا خلا ذلك اللحم صيانة لها ومد في خلل اللحم العروق والأوردة الضاربة لحفظها وصلاحها وكسا الكل بالجلد ستراً وجمالاً لها وأنبت الشعر والظفر من فضل تلك المادة لمأربها ، فصار مماثلاً لتركيب الفلك بالكمية والكفية جميعاً لما كان الفلك مقسوما اثني عشر برجا وجد في بنية الجسد اثناعشر ثقبا مماثلا وهي العينان والاذنان والمنخران والثديان والفم والسرة والسبيلان ولما كانت الابراج ستة منها جنوبية وستة منها شمالية كذلك وجدت ست ثُقب ، في الجسد في الجانب اليمين وستُ في الجانب الشمال مماثلة له بالكمية والكيفية جميعاً ولما كان في الفلك سبعة كواكب سيارة بها تجري أحكام الفلك والكائنات وكذلك وجدت سبع قوى في الجسد فعاله بها يكون صلاح الجسد ولما كانت هذه الكواكب ذوات نفوس وأجسام لها أفعال جسمانية في الاجسام وافعال روحانية في النفوس كذلك وجدت في الجسد سبع قوى جسمانية وهي القوة الجاذبة والماسكة والهاضم والدافعة ، والغاذية ، والنامية والمصوّرة وسبع قوى أخرى روحانية وهي القوى الحساسة أعني الباصرة والسامعة والذائقة والشامة واللامسة والقوة الناطقة والقوة العاقلة وكما كان في الفلك عُقدتان وهي الرأس والذنب ، وهما خفيَّا الذات ظاهر الافعال بهما سعادات الكواكب ونحوساتها كذلك وجد في الجسد أمران خفيان الذات ظاهر الافعال بهما صلاح بنية الجسد وصحة الافعال للنفس وهما صحة المزاج وسوء المزاج وذلك أنه إذا صح مزاج أخلاط الجسد صحت أعضاؤه واستقامت أفعال النفس وجرت على الأمر الطبيعي وإذا فسد المزاج اضطربت البنية وعيقت أفعال النفس عن جريها على السداد وأضر ما يكون نحوسة العقدتين على النيرين وماورد في تشابه تركيب جسد الإنسان مع الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض وجد في بنية الجسد أربعة أعضاء وهي تمام جملة الجسد أولها الرأس ثم الصدر ثم البطن ثم الجوف إلى أخر قدميه فهذه الأربعة موازية لتلك وذلك أن رأسه موازي لركن النار من جهة شعاعات بصره وحركة حواسه وصدره موازٍ لركن الهواء من جهة نفسه واستنشاقه الهواء وبطنه موازٍ لركن الماء من جهة الرطوبات التي فيه وجوفه إلى اخر قدميه موازٍ لركن الأرض من قبل انه مستقر عليه كاستقرار الثلاثه الباقيه فوق الارض وحولها ومازال الإنسان عالماً صغيراً بحجمه كبيراً بتفاصيله وعظيماً بسره وخفاياه فسبحان الذي تعالى عنا علواً كثيرا .
بنج ..

هناك تعليق واحد: